البواسير، الأسباب ،الأعراض ،الوقاية والعلاج

مقدمة

البواسير هي من أكثر المشاكل الصحية شيوعًا في العالم، وتصيب الملايين من الأشخاص سنويًا. يمكن أن تظهر في أي عمر، لكنها تصبح أكثر شيوعًا مع التقدم في السن. وتُعرف بأنها انتفاخ أو تورم في الأوردة الموجودة في المستقيم السفلي أو حول فتحة الشرج. ورغم أنها ليست خطيرة في معظم الحالات، إلا أن أعراضها قد تكون مزعجة ومؤلمة وتؤثر على جودة الحياة اليومية.

في هذا المقال، نقدم لك دليلاً شاملًا عن كل ما يتعلق بالبواسير: أنواعها، أسبابها، أعراضها، طرق الوقاية منها، وأحدث أساليب العلاج المتاحة طبيًا ومنزليًا. كما نُشير إلى بعض الدراسات والمراجع العلمية التي توثق ما نطرحه، بما يساعدك على فهم الحالة والتعامل معها بفعالية.

ما هي البواسير؟

البواسير (Hemorrhoids) هي أوردة متورمة في المستقيم السفلي أو حول فتحة الشرج. وقد تكون داخلية (تتكوّن داخل المستقيم) أو خارجية (تظهر تحت الجلد حول فتحة الشرج).

تحدث هذه الحالة غالبًا بسبب زيادة الضغط على هذه الأوردة، كما هو الحال عند بذل جهد كبير أثناء التبرز أو الجلوس لفترات طويلة. في بعض الحالات، يمكن أن تتطور البواسير إلى حالة مؤلمة تتطلب تدخلاً طبيًا، خاصةً إذا كانت مصحوبة بنزيف أو تورم مستمر.

أنواع البواسير

 البواسير الداخلية

تقع داخل المستقيم، ولا يمكن رؤيتها أو الشعور بها عادةً. غالبًا ما تكون غير مؤلمة، لكن قد تسبب نزيفًا بسيطًا أثناء التبرز. في بعض الحالات، قد تبرز خارج فتحة الشرج، وتُعرف حينها بالبواسير الهابطة (Prolapsed Hemorrhoids).

 البواسير الخارجية

توجد تحت الجلد المحيط بفتحة الشرج، وغالبًا ما تكون مؤلمة، متورمة، ومصحوبة بحكة أو نزيف. في بعض الأحيان، قد تتكوّن جلطة دموية داخل البواسير الخارجية، ما يُعرف بالبواسير المتخثرة، وهي مؤلمة بشكل خاص.

أسباب البواسير الشائعة

تتعدد العوامل التي تساهم في الإصابة بالبواسير، وتشمل:

• الإمساك المزمن: يؤدي إلى بذل جهد زائد أثناء التبرز، ما يزيد من الضغط على أوردة المستقيم.

• الإسهال المتكرر: يمكن أن يُهيّج بطانة المستقيم ويزيد من خطر الالتهاب والبواسير.

• الجلوس لفترات طويلة، خاصة على المرحاض، يُضعف الدورة الدموية في الأوردة الشرجية.

• الحمل: يسبب زيادة في ضغط الرحم على الأوردة السفلية، مما يساهم في تكوين البواسير لدى النساء الحوامل.

• السمنة: الوزن الزائد يضغط على منطقة الحوض ويزيد احتمالية توسّع الأوردة.

• قلة النشاط البدني: يؤدي إلى بطء في حركة الأمعاء وزيادة فرص حدوث الإمساك.

• العوامل الوراثية: إذا كان لديك تاريخ عائلي من البواسير، فقد تكون أكثر عرضة للإصابة.

أعراض البواسير

قد تختلف الأعراض حسب نوع البواسير ودرجة تطورها. ومن أبرز الأعراض:

• نزيف أثناء التبرز: غالبًا ما يُلاحظ كنقاط من الدم الأحمر الفاتح على ورق التواليت أو في المرحاض.

• حكة أو تهيّج في منطقة الشرج.

• ألم أو انزعاج في منطقة الشرج، خاصة أثناء الجلوس أو التبرز.

• تورم حول فتحة الشرج.

• ظهور كتلة مؤلمة أو حساسة بالقرب من الشرج (في حالة البواسير الخارجية المتخثرة).

• الشعور بعدم الإفراغ الكامل بعد التبرز.

مضاعفات البواسير

رغم أن البواسير ليست خطيرة في معظم الحالات، إلا أن إهمالها قد يؤدي إلى بعض المضاعفات، منها:

• فقر الدم الناتج عن النزيف المزمن.

• جلطة دموية (تخثر) داخل البواسير الخارجية.

• البواسير الهابطة التي قد تتطلب تدخلاً جراحيًا.

• العدوى أو الالتهاب البكتيري في حالات نادرة.

طرق الوقاية من البواسير

الوقاية من البواسير تبدأ بتبني نمط حياة صحي يضمن صحة الجهاز الهضمي وسهولة التبرز. إليك أهم النصائح:

 زيادة تناول الألياف الغذائية

• تساعد الألياف في تليين البراز ومنع الإمساك.

• تشمل الأطعمة الغنية بالألياف: الفواكه، الخضروات، البقوليات، الشوفان، الحبوب الكاملة.

 شرب كميات كافية من الماء

• يُنصح بشرب ما لا يقل عن 8 أكواب يوميًا للحفاظ على ليونة البراز.

 ممارسة الرياضة بانتظام

• المشي، السباحة، أو اليوغا تساعد على تحفيز حركة الأمعاء وتحسين الدورة الدموية.

 عدم تأجيل التبرز

• الاستجابة الفورية للرغبة في التبرز تمنع تصلب البراز وتقلل من الجهد المبذول أثناء الإخراج.

 تقليل الجلوس لفترات طويلة

• حاول التحرك كل 30-60 دقيقة، خاصة إذا كنت تجلس لساعات طويلة في العمل.

 تجنب الإجهاد أثناء التبرز

• لا تضغط على نفسك أثناء التبرز، ولا تجلس على المرحاض لفترات طويلة.

علاج البواسير

 العلاجات المنزلية

يمكن علاج البواسير الخفيفة أو المؤقتة في المنزل باستخدام:

• حمامات الماء الدافئ (Sitz bath): الجلوس في ماء دافئ لمدة 15-20 دقيقة، 2-3 مرات يوميًا.

• الكريمات والمراهم الموضعية: تحتوي على مكونات مثل الهيدروكورتيزون أو الليدوكايين لتخفيف الألم والحكة.

• الكمادات الباردة: يمكن استخدامها لتقليل التورم والالتهاب.

• مسكنات الألم: مثل الباراسيتامول أو الإيبوبروفين لتخفيف الانزعاج.

 الإجراءات الطبية الطفيفة

إذا لم تُجدِ العلاجات المنزلية نفعًا، قد يُوصي الطبيب بإحدى الإجراءات التالية:

• الربط بشريط مطاطي (Rubber Band Ligation): تُربط البواسير بشريط صغير يمنع تدفق الدم، مما يؤدي إلى سقوطها خلال أيام.

• التخثير بالأشعة تحت الحمراء أو الليزر: تستخدم الحرارة لتقليص حجم البواسير.

• الحقن بمحلول خاص (Sclerotherapy): يُحقن المحلول لتقليص الأوعية الدموية.

 الجراحة

في الحالات الشديدة أو المتكررة، قد تتطلب البواسير تدخلاً جراحيًا، مثل:

• استئصال البواسير (Hemorrhoidectomy): إزالة البواسير تمامًا.

• تدبيس البواسير (Stapled Hemorrhoidopexy): تقنية تُستخدم لرفع البواسير وإعادتها إلى مكانها الطبيعي.

متى يجب زيارة الطبيب؟

استشر الطبيب في الحالات التالية:

• نزيف شرجي مستمر أو غير مرتبط بالتبرز.

• ألم حاد أو مفاجئ في منطقة الشرج.

• ظهور كتل صلبة أو مؤلمة بشكل متكرر.

• عدم تحسن الأعراض رغم العلاجات المنزلية.

• إذا كان النزيف مصحوبًا بتغيرات في لون البراز أو فقدان الوزن غير المبرر.

دراسات علمية حول البواسير

• دراسة من مجلة American Journal of Gastroenterology (2018): أشارت إلى أن حوالي 75% من الأشخاص يعانون من البواسير في مرحلة ما من حياتهم.

• تقرير من Mayo Clinic: أوصى بتناول 20 إلى 30 جرامًا من الألياف يوميًا للوقاية من الإمساك وتقليل الضغط على الأوردة.

• مراجعة في مجلة The Lancet (2020): أكدت أن العلاجات المنزلية تكون فعالة في الحالات الخفيفة والمتوسطة من البواسير بنسبة تصل إلى 70%.

خاتمة

البواسير ليست حالة نادرة، لكنها بالتأكيد مزعجة. ولحسن الحظ، يمكن الوقاية منها وعلاجها بسهولة في معظم الحالات. المفتاح يكمن في اتباع نمط حياة صحي يشمل نظامًا غذائيًا متوازنًا، الترطيب الجيد، وممارسة النشاط البدني بانتظام.

إذا واجهت أعراضًا مستمرة أو شديدة، فلا تتردد في زيارة الطبيب لتحديد التشخيص الدقيق والحصول على العلاج المناسب. تذكّر دائمًا أن الوقاية خير من العلاج، وأن العناية بالجهاز الهضمي هي خطوة أساسية نحو حياة صحية خالية من الألم.